نفسُك مِن اللّٰهِ
عندما تضع مصحفك جانبًا، مصحفك الذي وعيته جيدًا؛ لتوفر جانبًا في ساحتك لمهاوي وسقطات نفسك.
عندما تخجل أن تفعل مُصيباك أمام قرآنك أمام وعيك به وأنت تعلم جيدًا أنّى لك في كل هذا الكون عن الله من حُجَبٍ؟!!
فتواري إدراكك عنه لدقائقٍ عدة تغمرك فيها كلُّ شهواتك.
يوهمك التناسي بفقدان اتزانك أمام بهيميّة غرائزك، يسحبُك الشعورُ بالضعف نحو محجّةِ الآثامِ وارتكابها.
تدرك الخطأ وتتجاهله، ترى المنحدر وتؤجل تجنّبه، تعي ظلمة المُنقلب وتكفُّ عن تحسُسِ النور خلاله، تلوم فيْضَ غريزتك وتندبُ على أشلاءِ ضعفك .. ولا تجرّب أن تلوم قلّة محاولاتِك أو نسيانَ سُبل جهادِك.
فقط في تلك اللحظةِ من العمر تقعُ في خِضَمّ مأساتِك حين تقهرُك نفسك، تنتصرُ عليك بك وأنت تُهيأ لها عتباتِ السقوط، حينما تشتكي لله منك وأنت في غايةِ تورُّطِك في الذنب تأبى أن تفلتَ منه إلا أن تنتهي منه.
تنتهي من ذنبك لتذكر الله بعدما تجاهلت خطابه لك من قبل، فما تلبث إلا أن تورد لقلبِك مهالكَ القسوةِ على إصرارٍ منك دون حتى التأرجح على نغمِ المحاولات.
وكأنّك أكثرُ أهل هذه الأرض آثامًا، ما أمامك سوى أن تحبو على رفاتِ قلبك كدَحًا إلى الله؛ لأنه ليس لك مفرٌّ من الله إلا إلى الله، سيؤرّقك كلّ شيءٍ في هذه الدنيا، ولن تجد الراحة من كلِّ شيء إلا بأن تجد الله في كل شيء.
أيصح أن تقف ساكنًا تستظلُ بشجرتك وتطلبُ الغيث؟!!
فتّش عن قطرتك أسفل سُحبِ المحاولات .. وكما يقولون أول الغيث قطرة؛ فيعقوب لم يجد يوسف إلا حينما قال لأبنائه اذهبوا فتحسسوا ولم يكْفهِ يقينُه بالله دون السعي إلى فرجِ الله.
يا صاح استغن بالله يُغْنك، ولا تشتهي من الدنيا إلا ما يصلُ بك إلى الله، وما يُفرّجُ لك عن صدرك، تنظر إلى قلبِك ماذا صنع كلامُ الله فيه وما نكأ.