تنبيه الأخيار للاستعداد ليوم الاختبار
بقلم: محمد الصردي
ما أكثر الاختبارات والامتحانات التي يعيشها المرء في حياته ،في دراسته في عمله ،لكن كل هذه الاختبارات والامتحانات أمرها هين وسهل أمام اختبار من اخطر الاختبارات ،اختبار تتوقف عليه حياتك الأبدية السرمدية ،اختبار تشيب الولدان لهوله اختبار يحدد سعادتك الأبدية إن نجحت فيه أو شقاءك الدائم إن رسبت فيه ،اختبار يتطلب منك تهيئا منذ تكليفك أي منذ بلوغك وأنت تعيش حياتك وفق مادة هذا الاختبار والسعيد من وفقه الله وهيأ له طرق النجاح وهيأ له من يأخذ بيده ويقوم بدعمه وتعليمه مواد هاذ الاختبار ويلهمه ربه السؤال لمعرفة ما يتعلق به وما يتحقق به النجاح والفلاح ،والشقي والعياذ بالله من غفل عن هذا الاختبار بل تجاهله أو نسيه لأن همه الدنيا الفانية فقط وليس الحياة الأخرى الدائمة ،إنه اختبار لا ينفع فيه إلا ما قدمت لا ينفعك إلا عملك ليست هناك محسوبية او منسوبية أو رشوة أو هدية أو أي شيء لا تجد إلا ما زرعت فهذا موسم الحصاد وقد كنت تعيش موسم الحرث فاللهم سلم سلم .
وهذه بطاقة تقنية لهذا الاختبار :
-الزمن :بعد موتك
-المكان :القبر –
-المادة المختبر فيها :3 اسئلة .
–المختَبَرون :المؤمنون والمنافقون والكفار .
-المختَبِرون بالكسر : نكير ومنكر .
-نتيجة الاختبار في الحين نتيجة قولية وفعلية .
-هدية نجاح واستحقاق للناجحين وزجر وتوبيخ للراسبين .
فتعالوا بنا نعيش مراحل هذا الاختبار من خلال حديث من لا ينطق عن الهوى :
أول من يختبر هو المؤمن :
يأتيه ملكـان شديـدا الانتهار وفي رواية أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المُنكر، والآخر: النَّكير (1) فينتهرانـه ويجلسانِـه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربّي الله فيقولان له: ما دينُك؟ فيقولُ: ديني الإسلامُ ، فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقولُ: هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما عَمَلُك؟ فيقول؟ قرأتُ كتابَ الله ، فآمنتُ به ، وصدَّقت ، فينتهرُه فيقولُ: منْ ربك؟ ما دينُك؟ منْ نبيُّك؟ وهي آخرُ فتنةٍ تُعرضُ على المؤمنِ ، فلذلك حين يقولَ الله عزّ وجلّ : ]يُثبِّتُ الله الذين آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدُّنيا[ ، فيقول: ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمدٌ صلى الله عليه وسلم. (2)
نتيجة الاختبار :فيُنادي مُنادٍ في السماء أنْ صدقَ عبدي (3) وفي رواية قد كُنَّا نعلم أنك تقول هذا، (4).
جائزة النجاح :
أفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنةِ ، قال: فيأتيه من رُوحِها وطِيبها ، ويُفسحُ له في قبرهِ مدَّ بصرهِ،قال: ويأتيه (وفي رواية: يُمثّل له) رجل حسنُ الوجه ، حسنُ الثيابِ ، طيِّبُ الريحِ ، فيقولُ : أبشِرُ بالذي يَسُركَ ، أبشِر برضوانٍ من اللهِ ، وجناتٍ فيها نعيمٌ مقيمٌ ، هذا يومُك الذي كنت تُوعدُ ، فيقولُ له: وأنتَ فبشرك الله بخيرٍ منْ أنتَ؟ فوجهُك الوجهُ يجئ بالخيرِ ، فيقولُ: أنا عملُك الصالحُ فواللهِ ما علمِتُك إلا كنت سريعاً في طاعةِ الله ، بطيئاً في معصيةِ اللهِ ، فجزاك الله خيراً ، ثم يُفتحُ له بابٌ من الجنةِ ، وبابٌ من النّار ، فيُقال: هذا منزلُك لو عصيتَ الله ، أبدلك الله به هذا ، فإذا رأى ما في الجنةِ قال: ربِّ عجِّل قيام الساعةِ ، (5)
ويقال له: على اليقين كنتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعث إن شاء الله.(6)وفي رواية ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم يُنوَّر له فيه، ثم يُقال له: نَمْ، فيقول: أرجعُ إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نَم كنومةِ العَروسِ الذي لا يُوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك.(7)
تان من يختبر المنافق أو الكافر
وإن العبد الكافر (وفي رواية : الفاجر) إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا ، وإقبالٍ من الآخرةِ ، ويأتيه ملكانِ شديدا الانتهارِ ، فينتهرانهِ ، ويُجلسانهِ ، فيقوُلانِ له: مَنْ ربُّك؟ فيقول: هاهٍ هاهٍ لا أدري ، فيقُولان له: ما دينُك؟ فيقولُ : هاهٍ هاهٍ لا أدري ، فيقولانِ: ما تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيُقال: محمدٌ! فيقولُ : هاهٍ هاهٍ لا أدري سمعتُ الناسَ يقولون ذاك قال: فيُقال لا دريت ، ولا تلوت (8)
نتيجة الاختبار فيُنادي مُنادٍ من السماءِ أنْ: كذبَ ،(9)
جزاء الرسوب :فأفرشوا له من النارِ ، وافتحُوا له باباً إلى النار ، فيأتيهِ مِنْ حرِّها وسمُومِها ، ويُضَيَّقُ عليه قبرهُ حتى تختلفَ فيه أضلاعُهُ ،وفي رواية فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها مُعذَّبًا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك وفي رواية فيقولان: لا دَريتَ ولا تلوت[2]، فينادي منادٍ من السماء: أن كَذب عبدي))؛ (10)
ويأتيهِ (وفي رواية: ويُمثل له) رجلٌ قبيحُ الوجهِ ، قبيحُ الثياب ، مُنتِنُ الرِّيحِ ، فيقولُ : أبشِر بالذي يسوؤك ، هذا يومُك الذي كُنتَ تُوعدُ ، فيقولُ : وأنت فبشَّرك اللهُ بالشرِّ من أنت؟ فوجهُك الوجهُ يجئ بالشَّرِّ! فيقولُ: أنا عملُك الخبيثُ ، فواللهِ ما علمتُ إلاّ كنتَ بطيئاً عن طاعةِ الله ، سريعاً إلى معصيةِ اللهِ ، فجزاكَ الله شَرَّاً ، ثم يُقيَّضُ له أعمى أصمُّ أبكمُ في يده مرزبّةً! لو ضُرب بها جبلُ كان تراباً ، فيضربهُ ضربةً حتى يَصيرَ بها تراباً ، ثم يعيدهُ الله كما كان ، فيضربُهُ ضربةً أخرى ، فيصيحُ صيحةً يسمعهُ كلُّ شيء إلاّ الثقلينِ ، ثم يُفتح له بابٌ من النار ، ويُمهَّدُ من فُرُشِ النارِ ، فيقول: رَبِّ لا تُقمِ الساعة” وفي رواية يُفرجُ له فرجةٌ من قِبَل الجَنَّة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يُفرجُ له فُرجةٌ قِبل النار، فينظر إليها يَحطم بعضها بعضًا، ويقال: هذا مقعدك منها، على الشَّك كنتَ وعليه متَّ، وعليه تبعثُ إن شاء الله، ثم يُعذَّب)11(
حال السلف مع القبر :
ونختم هذا المقال بحال سلفنا رضي الله عنهم مع القبر :
1-قال سليم بن عامر: خرجنا في جنازة على باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: “إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تغنمون منه الحسنات والسيئات، توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا -يشير إلى القبر- بيت الظلمة، وبيت الضيق إلا ما وسع الله، ثم تنتقلون منه إلى يوم القيامة“.
2-كان هشام الدستوائي إذا رجع من جنازة، لم يتعشَ تلك الليلة، وكان لا ينام إلا في بيت فيه سراج، فطفئ سراجه ذات ليلة فخرج هاربًا، فقيل له: ما شأنك؟ قال: ذكرت ظلمة القبر.
3-عن خالد بن خداش قال: كنت أقعد إلى أشيم البلخي وكان أعمى، وكان يحدث ويقول: “أواه القبر وظلمته، واللحد وضيقه، وكيف أصنع؟”. ثم يُغشَى عليه، ثم يعود فيحدث، فيصنع مثل ذلك مرات حتى يقوم.
4-قال محمد بن حرب المكي: قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري العابد، فاجتمعنا إليه، وأتاه وجوه أهل مكة قال: فرفع رأسه فنظر إلى القصور المحدقة بالكعبة، فنادى بأعلى صوته: “يا أصحاب القصور المشيدة، اذكروا ظلمة القبر الموحشة، يا أهل النعيم والتلذذ: اذكروا الدود والصديد، وبلي الأجساد في التراب“، قال: ثم غلبته عيناه فنام.
فهَيَّا من الآن نستعد لهذه الأسئلة، حتى نستطيع أن نُجيب عنها غدًا بمشيئة الله وكرمه.
واحذر أخي الحبيب.. أن تكون عن الله من الغافلين، وعن شرعه من المُعرضين، وعن هدي رسوله من المخالفين، وفي ملذَّات الدنيا من المنغمسين.وأُذكِّرك أخي أن الموت يأتي بغتة، وملك الموت لن يُؤجِّلك، وضمة القبر لن ترحمَك، فهيا استعدَّ من الآن لهذا اليوم العصيب، وارجع إلى رب العالمين قبل أن يأتيك اليقين، واستكثر الزاد ليوم الميعاد.
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ووفقنا للنجاح في هذا الاختبار وهيء لنا من يفقهنا في ديننا حتى نكون من الناجين والناجحين بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
————————————————————
1-4-7 وأخرج الترمذي وابن حبَّان بسند حسن عن أبي هريرة
2-11 -8 -5رواه أحمد وأبو داود والحاكم وهو في صحيح الجامع الصغير برقم (1672) والحديث بكامله في كتاب أحكام الجنائز للشيخ الألباني رحمه الله .
3- (السلسلة الصحيحة: 3/1391.
5-رواه أحمد وأبو داود والحاكم وهو في صحيح الجامع الصغير برقم (1672) والحديث بكامله في كتاب أحكام الجنائز للشيخ الألباني رحمه الله .
6-أخرجه الإمام أحمد عن عائشة وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
10-9السلسلة الصحيحة:3/139.