الوباء العالمي كورونا (المقالة 3)
الأمراض والعقائد
بقلم: محمد زاوي
1-في تطور العلاقة بين العقائد وتفسير الأمراض
الأساسي اليوم في علاج الأمراض العضوية هو العلاج الطبي، والثانوي هو نظيره الشعبي.
فماذا يمثل العلاج الشعبي إذن؟
إنه يمثل استمرارا لما كان الناس يلتمسون فيه الشفاء من: استعمال للأعشاب المختلفة، والتماس للبركة العضوية في التعاويذ والطلاسم.
الطب الحديث هو نتاج للرأسمالية في مرحلة ثوريتها وصعودها (رغبتها الجامحة في تطوير قواها الإنتاجية)، وهو يتطور أنماطا وتقنيات وأخلاقيات بتطور هذه الرأسمالية.
فلما توحشت وفقدت أخلاقها وقيمها الليبيرالية في مراحلها المتقدمة (حيث النضال من أجل: التصنيع على المستوى الاقتصادي، والدمقرطة على المستوى السياسي)[1]، أصبح الطب متوحشا أيضا وفقد أخلاقياته وإنسانيته وغاياته الكبرى (التطبيب للجميع، الصحة فوق المال، الاعتناء بالمرضى…).
أما العلاج الشعبي، فهو ينتمي إلى مراحل ما قبل الرأسمالية، إنه حاضر في زمننا المعاصر، ولكن على الهامش وبشكل ثانوي.
تختلف مساحة حضوره من بلدان إلى أخرى، ومن مجال إلى آخر في نفس البلد (كالاختلاف بين حضوره في مجال “الأمراض العضوية” وبين حضوره في مجال “الأمراض النفسية”).
إن تضخم حضور العلاج الشعبي بيننا لا يخلو من دلالة، ولعل أبرز دلالاته ما يلي:
– ضعف الإمكانيات الطبية والوعي الصحي في دول الجنوب.
– إعادة إنتاج التبعية للتخلف فينا مهما استبلدتنا بما تجلبه لنا من مظاهر الحداثة الفارغة من الداخل.
– استنجاد الإنسان بعقائده وما لديه من إمكانات بسيطة قبل أن يكتشف الطب الحديث.
…
وهذا العنصر الأخير هو الأهم بالنسبة إلينا، إذ من خلاله نفهم الكثير من تاريخ الإنسان في علاقته بذاته وبالطبيعة.
إن من سيطلع ولو قليلا على كتب أبي بكر الرازي أو كتب الشيخ الرئيس ابن سينا أو كتب الحكماء والأطباء القدامى، سيجد أن فيها الكثير من الحكمة والابتكار في تشخيص الأمراض ومعالجتها والتفطن في محاصرة الأوبئة والتقليل من ضحاياها… سيجد كل ذلك، ومعه الكثير من الخلط بين الغيب والشهادة.
فما السبب في ذلك إذن؟
إن الإنسان كثيرا ما يملأ فراغاته ويعوض عن عجزه باستحضار التفاسير الغيبية، وهي كثيرا ما تكون ناجعة على المستويين النفسي والعضوي إذا استُحْضِرت باليقين المطلوب[2].
إن هذا العلاج هو ما أسماه بعضهم “علاجا بالوهم” !
وهو ما يُستدعَى كدليل على العلاقة بين النفسي والعضوي مما لا يترك مجالا للشك.
إنه علاج يحسه المريض في الأمراض العضوية كثيرا، وفي الأمراض النفسية أكثر من ذلك.
إن عدم توفر الأدوية للإنسان القديم لا يعني أنه لم يكن يقدر على المقاومة كما هو الإنسان اليوم، فالأمراض تولَد مع الإنسان معبرة عن ضعفه.
لقد أنتجت الحياة المعاصرة أمراضا خاصة بها –ولا زالت تنتج-، وكذلك كانت الحياة القديمة تنتج أمراضها في شروطها الخاصة بها.
وكما تختلف الأمراض بين عصر وعصر، تختلف طرق العلاج أيضا.
لسنا وحدنا من نرفض “الطب النفسي” مكتفين بالرقى والتمائم، ولسنا وحدنا من كنا نجمع المرضى العقليين في “بويا عمر” ليدفع عنهم الجنون ببركته[3]، ولسنا وحدنا من نزور الأضرحة للتداوي من أمراض السرطان والسكري و”الصرع”… كل ذلك كان يحدث في أوروبا القرون الوسطى بشكل لا يخطر على بال أحد.
يقول سعد الدين العثماني:”فقد أصبح (يتكلم عن أوروبا القرون الوسطى) التصور السائد للمرض العقلي على أنه سحر وهرطقة، وأصبح هم القساوسة والرهبان هو الكشف عن السحرة والمتلبسين بالشيطان، وصدرت الإجراءات الرسمية لتقديم السحرة –وأغلبهم من النساء-إلى المحاكمة وإصدار الأحكام عليهم، والتي غالبا ما تكون الخنق أو الحرق حتى الموت.
ومن هنا ظهرت المقولة المشهورة والشائعة “مطاردة الساحرات”.
وقد استمرت هذه المحاكم إلى غاية 1682 م.
وتساكنت هذه المفاهيم والممارسات السائدة والمسيطرة مع تفسيرات للمرض النفسي في الأوساط الطبية تعتمد نظرية الأخلاط وانحراف الدماغ.
وظهر العزل في الملاجئ أو في “أبراج الحمقى” حيث يحشر المرضى النفسيون مع المشردين والمنبوذين”.[4]
ويقول سيجموند فرويد (مفسرا ما كان يحدث في القرون الوسطى الأوروبية أيضا):
“وقد اكتشف عدد من الباحثين كما هو معلوم، وعلى رأسهم شاركو، تظاهرات الهيستيريا في تمثيلات المس الشيطاني والانجذاب التي أورثنا إياها الفن. والحق أنه ما كان ليعسر اكتشاف مضمون العصاب في تاريخ هذه الأمراض فيما لو وجد عصرئذ من يعيرها المزيد من الاهتمام”.[5]
هذه إذن، هي رحلة الإنسان باحثا عن شفائه. إذا وجد الدواء تناوله مستحضرا الغيب في أصغر المساحات، وإذا لم يجده بكى حظه واكتفى بالطمأنينة في النفس لعله يدرك بها شفاء عاجلا للبدن العليل.
2-العقيدة في عصر العلم: من “انتحار عقل اللاهوت” إلى “لاهوت التحرير”
لا يطاق “الإيمان الساذج” في عصر العلم، ولا يطاق كل أولئك الذين يروجون له. ليس مطلوبا من المؤمن أن يفسر إيمانه كما يفسره “عالم الأديان”، ولكنه مطالب بما يمكن أن نسميه “إيمانا سديدا” يوجهه إليه الفقهاء التاريخيون.
لقد كشفت أزمة “كوفيد-19” عن تدني مستوى الوعي لدى شيوخ لم يتمكنوا في هذه الأزمة من التعبير عن حقائق العقيدة؛ فصدرت منهم مقولات غير محررة؛ منها:
– “كوفيد-19” عقاب من الله
هذه مجرد إيديولوجيا لإخفاء الحقيقة، والحقيقة هي “دمار الطبيعة والحياة جراء توحش الرأسمالية”.
ستموت الطبيعة جراء التوحش الرأسمالي، ولن تموت وحدها. جميعا سنموت معها، لأننا منها؛ وذلك هو انتقامها منا.
النظام الاجتماعي الرأسمالي في مراحله الأخيرة هو السبب، ويأبى “شيوخ الرأسمالية”[6] إلا أن يضخوا مزيدا من الروح في هذا النظام باستدعاء “التأويل الرأسمالي للإسلام”.
من هؤلاء الذين سيعاقبهم الله؟
هل هم أولئك الذين لا يصَلّون وقد فتح الله لهم باب التوبة؟
أم هي الرأسمالية المتوحشة التي تفسد في الأرض ولا تصلح؟
فلماذا بسببها سيعاقب الله أبناء دول الجنوب؟
ولماذا بسببها سيميت الأسرى في سجون فلسطين والفقراء في جنوب اليمن والمشردين في أمريكا اللاتينية…؟
وهل ينتقم الله (حاشاه سبحانه وتعالى) من الضعاف فيما لا يستطيعون؟
…
إن تأويل “شيوخ الرأسمالية” معيب من جانبين:
1 عقديا:بالتقول على الله والرجم بالغيب
2 وسياسيا: بإضفاء المزيد من السحر على جرائم الرأسمالية المتوحشة.
– لا خوف على المؤمن
وهذا فصل آخر من فصول “استعلاء الإيمان” كما وجدناها في: “معالم في الطريق” عند سيد قطب، و”إلى الإسلام من جديد” عند أبي الحسن الندوي… فالمؤمن فوق الجميع، وهو السامي الذي لا يبلغه أحد في سموه.
السمو هو المنطلق، والخارقية هي المنتهى.
وعوض أن يلتزم “المؤمن” تدابير الوقاية والعلاج وما يأمر به الخبراء والمتخصصون في “الأوبئة”، وعوض أن يبحث لذلك عن تأويل أو تأصيل في الشريعة… عوض أن يفعل كل ذلك، تجده يدعي الاستثناء حيث يستوي كل الناس فيما يسمى “الإنسان العالمي”.[7]
– “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”:
وأين هو “الأخذ بالأسباب”؟
وأين هو “الفرار من قدر الله” إلى “قدر الله”؟
وأين هو “المتوقَّع كالواقع”؟
وأين هي “الخطة في ساحة بدر”؟
…
أين هي كل هذه العبارات الخالدة التي وجدناها في كتب التراث مذ أن بدأنا قراءته؟
كل من يخاطب العقل الإسلامي غير الواعي سيجد صعوبة في إقناعه بقواعد التاريخ (الناتجة عن استقراء مادي للتاريخ)، وذلك مهما اقتنع هذا العقل بمدى أهمية دراسة الواقع وتحديد تلك القواعد.
أما من لا يعرف في النظر أسبابا ولا واقعا ولا تاريخا، فالمهمة ستصبح معه أشق. ليس هؤلاء من الصادقين فيما يدّعون أبدا، لأنهم يفعلون كل شيء لتحقيق مصالحهم الأقرب إليهم. لا يعتبرون “الأخذ بالأسباب” إذا كان الفعل لا يمس مصالحهم، وإذا مست مصالحهم وأحسوا بالخطر الداهم نسوا الغيب بالتفاصيل المملة لحياتهم اليومية. ولم نرَ في حياتنا قط أحمقا يخالف ما تقتضيه ضروريات الحياة اليومية، ولا منتحرا يسير نحو الموت بعينه. المجنون نفسه يأكل ويشرب ويسكن ويلبس، والمنتحر لا يميت نفسه إلا بعد اكتئاب حاد.
– الشعائر التعبدية أولى من كل إجراء احترازي
لا هي العبادات عُطِّلت، ولا هو الحجر فُرِض على الإنسان في علاقته بربه.
فقط هو إغلاق للمساجد، واكتفاء برفع الأذان من مآذنها إلى أن يزول الوباء. ورغم ذلك، تكلم في فقه “صلاة الجماعة” القاصي والداني، وانقسم الفقهاء بين مؤيد ومعارض…
أفتى المجلس العلمي الأعلى (في المغرب) بالإغلاق المؤقت للمساجد إلى أن يرفع الله البلاء، وذلك دفعا لما يهدد الأنفس ويساهم انتشار الوباء (كوفيد-19).
نفس الفتوى نطقت بها كل المجالس العلمية العربية في المناطق التي حل بها الوباء، فتداعى عليها من لم يسبق له أن قرأ شيئا عن “تحقيق المناط” أو “تحكيم الواقع”.
والحق أن القضية تمس الضروريات الخمس جميعها: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال.
إنها تمس النفس وتحول دون حفظها بدرجة أولى، ولكنها تمس الدين والنسل والعقل والمال أيضا. وهذا بيان ذلك:
أولا: في حفظ النفس
الوباء “كوفيد-19” قاتل لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وهؤلاء فئة عريضة في المغرب، وفئة عريضة منهم ترتاد المساجد… وبما أن “المتوقّع كالواقع”، فانتشار الوباء بين رواد المساجد، وانتقاله منهم إلى عائلاتهم وجيرانهم ومعارفهم، كان هو المتوقَّع الذي أصبح واقعا في ذهن الفقيه.
هذا ولم يكن الحكم خاصا بالمساجد، وإنما بها وبغيرها من الأمكنة التي تكثر فيها الاجتماعات كالمقاهي والحمامات والمؤسسات التعليمية وقاعات المؤتمرات… ولم يبق القرار مقتصرا على الاجتماعات، وإنما على الخروج من المنازل في حد ذاته. وكل ذلك مما يجب أن يمنعه الفقيه بالفتوى تأييدا للمنع في الواقع، فتلك قضية دولة وشعب لا يخطئ الحكم فيها من استوعب بحق قاعدة “جلب المصالح ودرء المفاسد”.
ثانيا: حفظ الدين
فحفظ الدين من حفظ صحة المسلمين، وما الدين إلا ما تقوم به الأبدان الصحيحة (بالتخفيف في التكليف عند المرض) وما ترعاه الأجيال اللاحقة. إن ما يتدين فينا بداية هو البدن، مهما سما العقل وتعالت الروح. فإذا مات الإنسان، “قامت قيامته” وانتهى عمله.
وهل تصلي الأرواح بلا أجسامٍ تؤدي الحركات وعقولٍ تستظهر الآيات والأذكار ونفوسٍ رُزِقت القدرة على اختيار الاطمئنان؟
وهل تصوم بلا بطون جائعة وفروج تُكَفُّ شهوتها وألسنة تصون حرمة الصيام؟[8]
وبالتالي، فحفظ الدين من حفظ النفس.
ثالثا: حفظ النسل
فتقليل الأنفس من تقليل الأسر، وهذه من تلك. فإذا كان مما يُقصد بحفظ الأسر هو حفظ الأنسال (وكذلك الدعوة/إيديولوجيا الدولة)[9] والعكس صحيح، فإن مما يُقصد بحفظ الأنفس هو حفظ الأنسال والعكس أيضا صحيح. الأسرة هي التي تنظم النسل، وانتظام هذا هو ما يصون نظام الأسرة. النفوس هي التي تكوِّن الأنسال، وبهذه تستمر النفوس.
وبالتالي، فحفظ النسل من حفظ النفس.
رابعا: حفظ العقل
لا عقل لمن هُدِمت حضارته وانتقضت تراكماته وتفككت دولته… وهذا كله يهدد به “كوفيد-19”. وليس المقصود هنا هو عقل كل فرد على حدة (ولو أن “العقل الفردي” يتأثر ب”العقل الجمعي”)، وإنما عقل وفكر دولة.
وبالتالي، فحفظ العقل من حفظ النفس.
خامسا: حفظ المال
إذا انتشر الوباء وأخذ في سلب الأنفس، فإن اقتصاد الدولة سيعاني الويلات ومنه اقتصاد الأفراد ومعيشتهم وأجورهم وملكياتهم الخاصة.
وبالتالي، فحفظ المال من حفظ النفس.
– عدم إثارة مسألة التفوق العلمي للغرب
في هذه اللحظة بالذات، وقفوا على كل عيب في توبتنا، ونسوا أن يقفوا على عيبين في العالَم وفي دولتنا:
1 ما أنتجته الرأسمالية من خراب في الطبيعة.
2 وما نعانيه من تخلف علمي أريد لنا وأردناه لأنفسنا.
“القدرة الوطنية” في العلوم والتكنولوجيات، اهتم بها عزيز بلال. و”الجغرافيا الوطنية”، اهتم بها أحمد الغرباوي. و”السوسيولوجيا المغربية”، أسسها بول باسكون… وما ل”شيوخ الرأسمالية” إلا التداعي على الضعفاء، وترك العظماء لشأنهم.
3-العقيدة الإسلامية في مواجهة الوباء: تأملات على وقع الابتلاء
أركان الإيمان ستة، أن تؤمن: بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره.
الملائكة يعبدون الله، لا يعصونه ويفعلون ما يؤمرون. وفي علاقتهم بنا، يُطمئنون ويراقبون ويدعون… والأهم من ذلك أنهم ربطوا بين الأنبياء وبين خطاب السماء.
أما الأنبياء والرسل، فهم من كلّفوا بالبلاغ (بالرسالات السماوية أو بدونها). وما البلاغ؟ إنه إخبار بالله (ومن علم وجب عليه الإيمان)، وإخبار بالآخرة (ومن علم وجب عليه الإيمان)، وتوجيه في المجال الممتد بينهما (بالعقائد والأخلاق وأحكام العبادات والمعاملات والنكاح والجنايات).
وفي القضاء والقدر، يكون الاختبار. فيأخذ الإنسان الأسباب باستيعاب قواعد التاريخ والتحرك وفقها، متوكلا على الله. وإذا هم به شيء يضره ولا يسره، صبر واحتسب واستعد للأيام الآتية.
هذا ما عبرنا عنه ونحن نتأمل في حاجتنا إلى العقائد، فجاء التأمل كالآتي:
– نؤمن بالله، فنروي “ظمأنا الأنطولوجي” في الأزل. فإذا حصل ذلك، اطمأنّا إلى الله وفرحنا بالعودة إليه إذا انقضت أسبابنا وانتهت حيلتنا.
– نؤمن باليوم الآخر، فنروي “ظمأنا الأنطولوجي” في الأبد. فإذا حصل ذلك، علمنا أن الدنيا قنطرة واشتقنا إلى الخلود في الآخرة.
– نؤمن بالأنبياء والرسل، فنتحاشى أن نفقد أملنا في التاريخ. فهي معركة بدأها المصلحون: موسى مؤسس أول فعل نقابي، وعيسى المنتفض في وجه الوثنية، ومحمد مكسّر الأصنام وموحّد القبائل العربية في دولة متوسعة عقيدتها “توحيد الله وحده لا شريك الله”… معركة بدأها المصلحون، ونحن من سنكملها بمن بقي منا.
– نؤمن بالملائكة، فنتعلق بالسماء للنجاة من هموم الأرض وضعف حكامها وعلمائها ومثقفيها… لقد عذبتنا مخلوقات الأرض وكدنا أن نموت، فلنلتقط أنفاسنا قليلا من مخلوقات السماء. وبعد النجاة، نعود لنصارع مخلوقات الأرض من جديد.
– نؤمن بالكتب السماوية، فنبتغي الحكمة في تجارب الأقدمين. “فتجارب البشر ملك مشاع”، والأوبئة حلت بالسابقين قبل أن تحل بنا.
– نؤمن بالقرآن الكريم، فنرتبط بالنور والأمل والشفاء في زمن التدليس والاستكبار على المستضعفين. لا نؤوله إلا وفق ما نحن في حاجة إليه لنتقدم خطوة إلى الأمام في التاريخ، لا نؤوله إلا وفق ما نواجه به ضرب خصوصياتنا وثقافتنا الوطنية، لا نؤوله إلا لنواجه به الاستعمار الجديد والرأسمالية المتوحشة المحتَضَرة… لا نؤوله إلا لنصمد به في وجه “التخويف العالمي” الذي يراد به خلق عالم جديد، عالم تستمر فيه الرأسمالية بعد أن كانت على مقربة من الانهيار…
– نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، فنفر من فشل في الآن إلى انتصار ونجاح مرتقَب. نفر من خوف على النفس من الموت إلى مستقبل تستعيد فيه النفس زمام معركتها في ذاتها أو في ذات غيرها، فالمعركة واحدة لا يهم من قام بها.
1-“الحداثة” مشترك إنساني، وهي لا تعني عند عبد الصمد بلكبير غبر “الصناعة والديمقراطية”، وفي ذلك تمييز لها عن “ما بعد الحداثة”.
2-راجع: “خوارق اللاشعور”، علي الوردي.
3-سعد الدين العثماني، الطب النفسي المعاصر: تطور المقاربات والمفاهيم، منشورات جمعية أصدقاء السوسيولوجيا بتطوان، الطبعة الأولى، 2015، ص 40.
5-سيجموند فرويد، إبليس في التحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، الطبعة الثانية، 1983، ص 6. إن الشيطان الذي يطرده شيوخنا بالقرآن، هي نفسها الأرواح الشريرة التي كان القساوسة يطردونها بالصليب وأقوال المسيح عيسى… وذلك ما يظهر من خلال كتاب سيغموند فرويد، وبالوثائق –أيضا-التي كان يسجل فيها القساوسة أسماء الممسوسين والأرواح التي مستهم مرفقة بالتواريخ والأمكنة والحوارات المطولة…
6-ليس الشيوخ جميعا على ضرب واحد، وبالتالي فليسوا جميعا شيوخا للرأسمالية المتوحشة. وإنما منهم الوطنيون، ومنهم العقلاء الذي ينأون بأنفسهم عن السقوط في استراتيجية “الرأسمالية المتوحشة”.
7-ذكره كارل ماركس في “مخطوطات 1844″، وأكد عليه إيريك فروم في “مفهوم الإنسان عند كارل ماركس”.
8-أقرب إلى هذا المعنى ما قاله فريدريك نيتشه: “الجسم هو العقل الأكبر”، وأقرب إليه ما قاله ميشيل فوكو: “عندما نمرض، نكتشف أن ما يفكر فينا حقا هو البدن”.
9-“للأسرة المسلمة دور في حفظ الدين”. انظر “الفطرية: بعثة التجديد المقبلة”، لفريد الأنصاري.